مما لا شك فيه أن معظم المدخنين يعلمون وبدقة ما سيواجهونه من مخاطر صحية عديدة جراء إدمانهم على التدخين، فالتدخين يترك أثره الواضح على كل جهاز وعضو وخلية في جسم المدخن.
فأمراض القلب والدورة الدموية والجهاز التنفسي وانتفاخ الرئة والالتهاب الشعبي المزمن والتجعدات المبكرة للوجه وحول العيون والرقبة والفم ، واصطباغ اللسان والأسنان وانتفاخ سقف الحلق والتهاب الغدد اللعابية ، ومعظم أنواع السرطانات من سرطان الرئة والحنجرة والمريء والمعدة والبنكرياس والمثانة وعنق الرحم ، وضعف قوة الإبصار وضعف القدرة الجنسية وتساقط الشعر ؛ كلها بالتأكيد هي معروفة لدى المدخنين ومع ذلك فهم لا يقلعون أو لا يمتلكون الإرادة الكافية والدافع الحقيقي لترك إدمانهم على التبغ.
مع ذلك فلا بد من الاهتمام بتغذية المدخنين ومعرفة ما هو أثر التدخين على وضع ومستوى الفيتامينات والأملاح المعدنية لدى المدخنين وبالتالي معرفة ما يجب إضافته وما يجب حذفه من قائمة الغذاء الصحي للمدخنين.
أثبتت العديد من الدراسات أن التدخين يزيد من معدل الأيض في جسم المدخن عن طريق دفع القلب للنبض بشكل أسرع وذلك عند استنشاق التبغ مما يزيد الضغط على عضلة القلب وبالتالي حدوث أمراض القلب المزمنة.
وتتوفر العديد من الأدلة على أن دماء المدخنين تحتوي على مستويات أقل من فيتامين ج مقارنة مع غير المدخنين حيث يظهر ذلك واضحا لدى المدخنين ل 20 سيجارة أو أكثر في اليوم.
من جهة أخرى فإن هنالك انخفاض ملموس في مستويات فيتامين أ و ب12 وحمض الفوليك وفيتامين ه ود والسيلسنيوم والزنك.
أما بالنسبة للكالسيوم فقد دلت الدراسات على أن كثافة العظم هي أقل لدى المدخنين مما يؤدي إلى زيادة احتمالية الإصابة بهشاشة العظام.
إن الغذاء الصحي للمدخن لن يمنع الآثار الضارة الناتجة عن التدخين ولكنه قد يعيق تطورها ويؤخر من الفترة الزمنية لتفاقمها ، لذا فعند التركيز على تغذية المدخنين فلا بد من مراعاة عدة أمور:
أولا: المغذيات ذات العلاقة الوقائية ضد مرض السرطان وهي مضادات الأكسدة مثل فيتامين ج وه والكاروتينات والفينولات والسلفورافين وغيرها، وهذا يتطلب
- زيادة تناول حصص الخضراوات الورقية الداكنة مثل السبانخ والبقدونس والخضراوات ذات اللون الأحمر والبرتقالي والأصفر ونباتات العائلة الصليبية مثل البروكلي واللفت وجعلها جميعا لا تقل عن خمس حصص يومياً .
- زيادة تناول حصص الفواكه وخاصة الحمضيات وجعلها لا تقل عن ثلاث حصص يوميا وأكلها كاملة دون عصر لضمان الإفادة منها بشكل كامل.
- تدعيم الغذاء بزيت الزيتون وزيادة تناول السمك ليصل إلى ثلاث مرات أسبوعيا للحصول على الأحماض الدهنية أوميغا-3 وعدم التردد بتناول المكسرات والبذور والجوزيات والاتجاه نحو شرب الشاي الأ+خضر.
وهنا نود الإشارة إلى أن تناول مضادات الأكسدة تكون من المصادر الغذائية وليس من الأقراص المكملة حتى لا يؤدي ذلك إلى تأثير عكسي كما دلت الدراسات.
ثانيا: المغذيات ذات العلاقة الوقائية ضد أمراض القلب وتضيق الأوعية الدموية والتركيز على:
- تجنب مصادر الدهون المشبعة والكولسترول.
- التقليل من إضافة ملح الطعام إلى الغذاء المتناول.
- زيادة تناول الألياف الغذائية من الحبوب الكاملة مثل الشوفان والقمح والنخالة.
ثالثاً : دعم مستويات النقص من العناصر الغذائية كالكالسيوم بتناول 3 حصص يوميا من الحليب والألبان والأجبان على أن تكون خالية أو قليلة الدسم والإكثار من شرب الماء.
رابعا : ممارسة الرياضة بشكل منتظم للتغلب على الرغبة بتناول النيكوتين وتحسين التنفس ونبض القلب مع عدم إغفال استشارة الطبيب بشكل مستمر لعدم التفاجىء بحدوث نوبة قلبية أو أزمة تنفسية ومعالجة ذلك قبل فوات الأوان.
وأنا لا أريد أن أنصح المدخنين بالإقلاع عن التدخين سأدع هذا الأمر . ولكن إذا ما أراد المدخن الإقلاع عن التدخين فيجب أن لا يخشى كثيراً من الزيادة في الوزن وعليه ألا يحاول بشكل قاس أن يخسر الوزن في نفس الوقت الذي يقلع فيه عن التدخين بل عليه تركيز تفكيره ومخططاته ونشاطاته على ترك التدخين والتخلص منه ثم بعد ذلك يستطيع الرجوع إلى محاولات إنقاص الوزن بكل سهولة ، لأنه وبكل تأكيد فإن الآثار الصحية الناشئة عن زيادة الوزن الخفيفة هي ليست بذات أهمية مقارنة مع المخاطر الصحية الناشئة عن التدخين