يتساءل الكثيرون عن مهنة المحاماة وهل هي حلال أم حرام ، وأحيانا نجد بعض الناس لا يلتحقون بالكليات القانونية ككليتي الحقوق والشريعة والقانون بمصر لأنهم لا يريدون أن يكونوا محامين ظنا منهم أن هذه المهنة حرام…
ويقولون مبررين ظنهم أن المحامى يتولى الدفاع عن المجرمين الذين يرتكبون جرائم قتل أو عرض وشرف أو مخدرات وخلاف ذلك من الجرائم التي تمقتها طبيعة النفس البشرية وتأباها الجماعة ، ومع ذلك يقوم المحامى بالدفاع عن هؤلاء ويستحل لنفسه الأتعاب التي يتقاضاها منهم ويسعى بكل ما أوتى من قدرة إلى تبرئة ساحة هذا المجرم كي يعاود الكرة مرات ومرات فيمارس نشاطه الاجرامى معتمدا على أن هناك محامين أفذاذ قادرون على إيجاد الثغرات التي تبرىء ساحتهم..
والحقيقة يا اخوانى أن مهنة المحاماة هي من اجل واشرف المهن على الإطلاق ، ولابد أن نفرق بين المهنة في حد ذاتها وبين من يمارس المهنة ، فكل مهنة فيها من هو يحترم مهنته ويحترم نفسه ، وفيها من هو يسيء إلى مهنته ويسيء إلى نفسه…
فمهنة الطب وهى مهنة لا تقل إجلالا وشرفا عن مهنة المحاماة ، نجد من بين من يمارسونها يسيئون إليها فيستخدمون مهنتهم بغرض الكسب فقط دون مراعاة لاى قيم أو أخلاق دينية واجتماعية ، فيحلون لأنفسهم إجراء عمليات جراحية لأسباب غير مشروعة ، أو يتهاونون في علاج ومراعاة المريض الموجود في المستشفيات العامة لأنه لم يذهب إلى عيادته الخاصة …. الخ ، فالعيب ليس في الطب وإنما في الطبيب…
وما ينطبق على مهنة الطب ينطبق على اى مهنة وحرفة وعمل ، فالعيب ليس في المهنة وإنما فيمن يمارس المهنة …
وكيف نقول أن مهنة المحاماة هي مهنة محرمة وهى مهنة تدافع وتحافظ على الحقوق ؟
أليس الإسلام يأمر بالعدل ؟
فإذا كان الإسلام يأمر بالعدل ، فكيف يتحقق العدل دون سماع أقوال المتهم وإعطائه الفرصة الكافية للدفاع عن نفسه ؟
أم يقل الرسول الكريم صلوات الله وسلامه : ادفعوا الحدود ما وجدتم له مدفعاً .
الم يقل أيضا : ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم ، فإن وجدتم للمسلمين مخرجاً فخلوا سبيله ، فإن الإمام إن يخطىء في العفو ، خير له من أن يخطىء في العقوبة .ثبت في صحيح البخاري ومسلم " أن رجلاً من أسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فاعترف بالزنى ، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى شهد على نفسه أربع مرات ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أبك جنون ؟ قال : لا . قال : أحصنت ؟ قال : نعم ، فأمر به ، فرجم في المصلى ، فلما أذلقته الحجارة ، فر فأدرك ، فرجم حتى مات ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيراً ، وصلى عليه " .
وفي لفظ لهما : أنه قال له : " أحق ما بلغني عنك قال : وما بلغك عني ، قال : بلغني أنك وقعت بجارية بني فلان فقال: نعم ، قال : فشهد على نفسه أربع شهادات ، ثم دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أبك جنون ، قال : لا ، قال : أحصنت ، قال : نعم ، ثم أمر به فرجم " .
وفي لفظ لهما : " فلما شهد على نفسه أربع شهادات ، دعاه النبي صلى الله لعيه وسلم فقال : أبك جنون ، قال : لا . قال : أحصنت قال : نعم . قال : اذهبوا به ، فارجموه " .
فانظر إلى كل ما تقدم تجد النبي الكريم يحاول قدر مستطاعه أن يدفع التهمة عن ماعز الذي اقر بالزنا ، وما فعله النبي الكريم هو عين مهنة المحاماة وكأن النبي الكريم هو أول من مارس هذه المهنة ، فهو المدافع أو المحامى الأول عن المسلمين .
فضلا عما تقدم ، فان المحامى يباشر الكثير والكثير من الأعمال القانونية التي تحافظ على أموال وممتلكات وحقوق الناس ، فهل نصف مهنة هذا هو حالها بأنها حرام أن نمتهنها ؟
كما سبق وان قلت فان العبرة ليس بالمهنة وإنما بمن يمارس المهنة ، فان المحامى إذا اتقى الله تعالى فقد رفع من مهنته ورفع من قدر نفسه {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة82