الســـــلام عليكــم
عندما يتخلى المرء عن أرضه فإنه يفقد كيانه و هويته ... يفقد انتمائه ..لن يعانق حبات التراب من جديد ,لن تسري نفحات الاديم في اوردته لأنه قطع شريان الصلة التي تربطه بامه و بوطنه..
أراها فــأرى فلسطين الموجوعة ..أراها فأرى جثتا ترقد في قبورها تبكي لخيبة امالها في أحفادها الذين بتروا صلتهم بأمهم و نسفوا كل الدماء التي أهرقت في سبيل حمى الوطن ..أراها فارى هوية تتلاشى ببضع أوراق نقدية ستتلاشى هي الاخرى...أراها فأرى السراب يخيم على عقول من فرطوا فيها و طمسوا معالم الهوية و الانتماء..
انها الارض ..انها الهوية التي يبيعها سكان منطقتنا للسياح الاوربيين بابهض الاثمان و يبنون عليها مشروعاتهم السياحية معلقين على واجهتها يافطات مكتوبة بلغة أجنبية ..أين الارض التي كانت تسحرنا ليس بجمالها الطبيعي لانها عبارة عن سهوب و أحراش فقط لكنها جميلة بهويتها و في أعيننا. تمر بين أحراشها لتستنشق عبير الاصالة و تشتم فيها رائحة الوطن بعدما أضحت عرضة لأطماع الاجانب, و كل محاولة لتنوير عقول أصحابها هي محاولة تبوء بالفشل قبل ولادتها لأن الهدف المادي يسيطر على جوارح الانسان و يجعلانه في غيبة و غفلة عما يحدث فهناك من الاراضي و المنازل القديمة الفخمة من تم بيعها و تحويلها الى فنادق و منتجعات أوربية و كان الثمن هو الهوية.
أنا لا أقصد تضخيم الموضوع بل أرى غربة و انا أحملق في تلك الاراضي و المنازل التي تخلى عنها أناسها و أتسائل ما الذي ستؤول اليه هذه الاراضي بعد عشرين ...أربعين...خمسين سنة ؟ ان ظل هذا الزحف الاوربي يسلب عقول السكان و يغريهم بالدولارات التي ستنفذ حتما ؟